كتَب : منيف خالد الرُبيح
في منعطفات الحياة، حيث تتقاطع الدروب بين الأمل والانكسار تقف النفس حائرة،تبحث عن ضوءٍ يسكن عتمتها تغمرها الأيام بقسوتها، وتغدو الرياح كأنها صفعات القدر تُعيدها إلى واقعٍ لا يُرحم كم من مرةٍ تمنت النفس أن تنام على وسادة الطمأنينة فتوقظها هزّات الواقع المؤلم في طيات البؤس تختبئ الآهات، تتنازعها الرغبة في النجاة والخوف من المجهول تتردد النفس بين الصبر والحنين، بين ما تملك وما تتمنى، بين ما يُفرض عليها وما تختاره بإرادتها تشتهي ما تحب، لكنها تُكبل بقيود الظروف، تُجاهد لتبقى واقفة وسط عاصفة لا تهدأ تتعثر خطاها، لكن في
داخلها شعلة لا تنطفئ، تسقيها دموع الصبر وتغذيها أنفاس الإصرار فكل وجعٍ يمرّ بها يصنع منها ملامح جديدة، كأن الحياة تنحتها لتكون أصلب وأجمل وحين يطول الليل، تهمس النفس لنفسها اصبري، فالفجر يولد من رحم الظلام تتذكر حينها أن الألم ليس عدوًا، بل معلّمًا قاسيًا يُهذب الروح ويُنضج الوعي كم من انكسارٍ كان بابًا لانبعاثٍ جديد، وكم من خسارةٍ أنجبت بصيرة لا تقدّر بثمن. تتأمل وجوه الأيام، فترى في كل قسوةٍ درسًا، وفي كل جرحٍ بصمة نجاة.
تتعلم أن الحياة ليست طريقًا مفروشًا بالورد، بل دربًا تُنثر فيه الأشواك لتختبر ثباتها وفي خضم هذا الصراع تكتشف أن أجمل الانتصارات هي تلك التي لا يراها أحد، سوى القلب فالنفس، مهما ارتجّت وتعثّرت، تعرف طريقها نحو النور وتبقى تؤمن أن وراء كل ضيقٍ فسحة ووراء كل وجعٍ حكمة خفية. وحين تهدأ العاصفة، تبتسم بهدوءٍ من عرف المعنى الحقيقي للبقاء فالحياة في ثناياها العميقة، ليست إلا مرآةً لصبر النفس وارتجاداتها بين الألم والأمل وتظل النفس رغم كل شيء، تنبض بإصرارٍ لا ينكسر، بحثًا عن لحظةِ صفاءٍ تُعيد إليها طمأنينتها المفقودة.











